كتاب دليل الوالدين في تربية الأطفال

إن هدفنا من وراء هذا الكتاب هو مساعدة الأطفال الموهوبين والنابغين على التطور والنمو، وليس فقط المحافظة على بقائهم، وذلك من خلال مشاركة الآخرين في بعض المعلومات التي تعلّمناها خلال السنوات الماضية. وقد اعتمدنا في معظم ما نقوله في هذا الكتاب على خبراتنا الشخصية في العمل مع الآباء والمعلمين والأشخاص الموهوبين على مدى عقود عديدة، مع أننا أفدنا أيضً ا من نتائج البحوث حيثما كان ذلك ممكنًا. وقد أدخلنا كذلك بعض الاقتراحات التي وجد آباء آخرون أنها مفيدة.

ير أننا نود أن ننبّه هنا إلى أن خبرتنا قد علمتنا أن آباء الأطفال الموهوبين يكونون غالبًا متوترين – وأحيانًا غير صبورين – تمامًا كأطفالهم الموهوبين، وأن بعض الآباء سيرغبون في قراءة هذا الكتاب كاملاً ويحاولون فورًا تنفيذ الاقتراحات كلها المتعلقة برعاية أطفالهم. وسواء أقرأت هذا الكتاب كله دفعة واحدة أم قرأته فصلاً فصلاً، نرجو ألا تحاول تطبيق موضوعاته كلها دفعة واحدة، وأتح لنفسك وقتًا للتأمل في الأفكار أو المفاهيم التي تجدها في الكتاب قبل أن تحاول تنفيذها، مبتدئًا بمهارة واحدة جديدة، وأتقنها، ثم انتقل إلى مهارة أخرى مستفيدًا من نجاحك في المهارة الأولى. وقد تحاول تنفيذ اقتراح واحد أو اقتراحين كل أسبوع. وقد تمر أيام عدة – أو ربما أسابيع عدة – قبل أن ترى النتائج عندما تجرب شيئًا جديدًا داخل أسرتك، وسوف تحتاج إلى المزيد من التدريب والممارسة. كما أنك سوف تحتاج إلى وقت للتفكير إن كانت الإستراتيجية التي تستخدمها تحتاج إلى تعديلات أو تعزيزات إضافية.

إن بعض اقتراحاتنا هي مجرد نصائح تنشئة ورعاية عامة مفيدة في التعامل مع كثير من الأطفال، فالرعاية الأبوية الصالحة مهمة سواء أكان الطفل موهوبًا أم غير موهوب. وتركز التوصيات الأخرى على السلوكات والسمات الشائعة بوضوح بين الأطفال الموهوبين كافة، وسوف تساعدك على تشجيع قدرات طفلك بدلاً من قمعها.

ويوفر هذا الكتاب للآباء والمعلمين وكل من يتعامل مع الأطفال الموهوبين إطارًا عامًا يساعدهم على فهمٍ أفضل لحاجات هؤلاء الأطفال الانفعالية والاجتماعية. فالصحة الانفعالية للطفل لا يمكن أن تُفهم إلاّ عندما تؤخذ العائلة في الحسبان، ولا يمكن أن تنجح العائلة في عملها قبل أن تفهم الحاجات الانفعالية للطفل الموهوب. فكتابنا، إذن، يؤكد على دور العائلة والعلاقات العائلية. وتذكّر أيضً ا أن معظم ما نقوله عن الأطفال الموهوبين ينطبق كذلك على الراشدين الموهوبين، «فحبات التفاح لا تسقط بعيدًا عن شجرتها»، وكثير من الآباء الذين يقرؤون هذا الكتاب كانوا هم أنفسهم موهوبين عندما كانوا أطفالاً وواجهوا كثيرًا من القضايا التي سوف نصفها في الفصول القادمة. وقد تقول في نفسك «أتمنى لو أن أحدًا ما فعل هذا(أو اعترف بهذا( عندما كنت طفلاً!». والخبر السار هنا هو أن الوقت لم يفت على اكتساب الوعي الذاتي والاستبصار، وقد تشعر ببعض الراحة عندما تعرف أن بعض الصعوبات التي واجهتها عندما كنت طفلاً كانت تتعلق بموهبتك. نود هنا أن نقدم نصيحة وتوجيهات عملية أكثر من الإرشادات النظرية – وهي نصيحة سوف تساعدك على رعاية علاقاتك بطفلك الموهوب، وتتجنب صراعات السلطة المتكررة، وتساعد الأطفال الموهوبين الصغار على إيجاد الفهم والرضا لأنفسهم وللآخرين في أثناء محاولتهم تحقيق إمكاناتهم الكافية. ونأمل أن تؤدي هذه الاستراتيجيات إلى غرس الرعاية والتشجيع والإبداع إلى جانب تنمية القدرات العقلية والأكاديمية والفنية أو القيادية لدى طفلك.